الأوسكار وغليزر- اليهودية والإبادة الجماعية في دائرة الضوء

المؤلف: روبين أندرسون11.06.2025
الأوسكار وغليزر- اليهودية والإبادة الجماعية في دائرة الضوء

حفل توزيع جوائز الأوسكار السنوي في لوس أنجلوس، الذي يُبث تلفزيونيًا، ليس مجرد برنامج عادي، بل أمسية استثنائية. ففي كل عام، وخلال ليلة تبدو أبدية، يحتشد المسرح بنخبة من مشاهير هوليوود اللامعين، وتتخلل الأمسية عروض فنية مبهرة، ليتحول الحفل إلى حدث عالمي ينتظره الملايين. ويقوم نجوم السينما بتكريم زملائهم ومنحهم جوائز الأوسكار الذهبية المرموقة، تقديرًا لأدائهم المتميز وجهودهم القيّمة في صناعة الأفلام. وتُمنح جوائز الأوسكار للأفراد الذين يعتبرهم المنتجون والمخرجون والنجوم الأفضل في الأفلام التي عُرضت خلال العام المنصرم. ويبدأ البث التلفزيوني للحفل بأجواء من البهجة والاحتفال، مع وصول كبار الشخصيات في هوليوود.

بمجرد نزولهم من السيارات الفارهة، تلاحقهم عدسات الكاميرات على السجادة الحمراء، حيث يستعرضون أزياءً باهظة الثمن من تصميم أشهر المصممين، ويزينون أنفسهم بمجوهرات متلألئة من علامات تجارية عالمية.

في عام 2024، تحديدًا في الرابع عشر من مارس، شاهد ما يقارب 19.5 مليون شخص البث التلفزيوني لحفل توزيع جوائز الأوسكار السنوي السادس والتسعين. وبينما كان الجمهور يتابع بشغف، ألقى المكرمون كلمات مؤثرة ومباشرة، ارتجالية في معظمها، كان لها وقعًا خاصًا وأهمية بالغة.

عادةً ما تركز وسائل الإعلام في اليوم التالي على مظهر المذيعين والحضور، وانتقاء أجمل الأزياء، وتسليط الضوء على التصرفات غير اللائقة، والإعلان عن الفائزين بجوائز الأوسكار. لكن تصريح المخرج البريطاني جوناثان غليزر، الفائز بجائزة الأوسكار لأفضل فيلم روائي طويل دولي عن فيلم "ذا زون أوف إنترست"، أحدث زلزالًا في عالم المشاهير، وطغى على معظم الضجة التي أعقبت البث التلفزيوني.

يعرض فيلم "ذا زون أوف إنترست" رؤية جديدة لمفهوم "تفاهة الشر" الذي طرحته الفيلسوفة حنة آرندت. يستعرض الفيلم الحياة اليومية لأشخاص متورطين في جرائم فظيعة، ويصور عائلة القائد النازي رودولف هوس، الذي أشرف على معسكر الاعتقال أوشفيتز، وكيف استمتع هو وزوجته المدللة الطموحة بمنزل آمن ومريح مع أطفالهما الذين يلعبون في حديقة منزلهم، بينما تتصاعد الأدخنة الداكنة من الجثث المحترقة في المحرقة بجوار جدار الحديقة.

نظرة للماضي وبيان للحاضر

أكد غليزر، عندما اعتلى خشبة المسرح، أن الفيلم ليس مجرد نظرة نقدية للماضي، بل هو أيضًا تعبير عن الحاضر. وصرح قائلًا: "لقد اتخذنا جميع خياراتنا لتعكسنا وتواجهنا في الحاضر، لا أقول انظروا إلى ما فعلوه آنذاك، بل انظروا إلى ما نفعله الآن. يُظهر فيلمنا إلى أين يؤدي التجريد من الإنسانية في أسوأ الحالات، لقد شكل كل ماضينا وحاضرنا".

للأسف، أساء بعض المعلقين الإعلاميين فهم كلماته، وفي بعض الحالات كان ذلك عن قصد. وفي إشارة إلى ضحايا السابع من أكتوبر والهجوم الإسرائيلي على غزة، قال غليزر أمام جمهور حفل توزيع جوائز الأوسكار: "نقف هنا كأشخاص يدحضون يهوديتهم والمحرقة التي اختطفها الاحتلال الذي أدى إلى مصرع العديد من الأبرياء".

بهذه الكلمات، عبّر عن مشاعر العديد من اليهود الذين طالبوا بوقف إطلاق النار، وسعوا جاهدين لوقف الإبادة الجماعية في غزة. ويرفض غليزر بشدة أن يتم استخدام يهوديته كسلاح لدعم الإبادة الجماعية.

لقد جاء خطاب غليزر مخالفًا للإجماع المؤسسي السائد في الولايات المتحدة والمملكة المتحدة، حيث لا يزال قادة المجتمع اليهودي البارزون وأصحاب النفوذ يدعمون أي أعمال عسكرية تقوم بها إسرائيل ضد غزة، بغض النظر عن مدى وحشية هذه الأعمال. إنهم يفعلون ما يرفضه غليزر، وهو استخدام يهوديتهم لتبرير القتل الجماعي للمدنيين والجرائم ضد الإنسانية. وأكد أن الدرس المستفاد من المحرقة هو أن تجريد الناس من إنسانيتهم وثقافتهم لا ينبغي أبدًا أن يُستخدم لتبرير الشر.

وصلت شيطنة الفلسطينيين إلى مستويات غير مسبوقة بعد السابع من أكتوبر، عندما وصفهم مسؤولون إسرائيليون بأنهم "ليسوا بشرًا" و"حيوانات". وفي تطور مقلق، ظهر هذا التجسيد بشكل واضح في مقال نشرته صحيفة نيويورك تايمز تحت عنوان "فهم الشرق الأوسط من خلال مملكة الحيوان" لتوماس فريدمان، الذي قارن أهداف حملات القصف الأميركية بالحشرات، مما دفع جيم نوريكاس من "فير" إلى القول: "إنه نوع من الاستعارة التي استخدمها المروجون تاريخيًا لتبرير الإبادة الجماعية".

لقد قام مرتكبو الإبادة الجماعية الإسرائيليون ومروجوها بتكرار الخطاب النازي المستخدم ضد اليهود الذين تم تشبيههم بمجموعة من المخلوقات الحقيرة، بما في ذلك العناكب والحشرات الطفيلية. وتعتبر منظمات مراقبة الإبادة الجماعية هذا "التجريد من الإنسانية" مرحلة من مراحل الإبادة الجماعية، حيث يتم "مساواة المجموعة المستهدفة بالحيوانات أو الحشرات أو الأمراض" في عملية "تتغلب على الاشمئزاز البشري الطبيعي من القتل".

واختتم غليزر خطابه المؤثر بسؤال جوهري: "مع كل ضحايا هذا التجريد من الإنسانية، كيف نقاوم؟". لقد عوقب العديد من الذين قاوموا الإبادة الجماعية في الماضي في هوليوود. وصرح الممثل الحائز جائزة "إيمي"، ديفيد كلينون، المؤيد القديم لحقوق الفلسطينيين، لصحيفة الغارديان: "اعتادت هوليوود على الإجماع في إظهار إعجابها وولائها لإسرائيل، لكن جيلًا جديدًا من الفنانين بدأ في تحدي هذه الأيديولوجية السائدة، وبالطبع ستبذل الحرس القديم قصارى جهدها لترهيبهم".

وقد تجلى هذا الترهيب في طرد الممثلة ميليسا باريرا من فيلم "سكريم الجزء السابع" من إنتاج شركة "سباي غلاس ميديا"، وذلك بعد أن وصفت باريرا الهجمات الإسرائيلية بأنها "إبادة جماعية" وقالت: إنها "تقتل بوحشية الفلسطينيين الأبرياء والأمهات والأطفال بحجة تدمير حماس".

كانت مها دخيل واحدة من أهم المديرين في وكالات المواهب المؤثرة في هوليوود، وكالة الفنانين المبدعين (CAA)، حتى انتقدت حرب إسرائيل على غزة على وسائل التواصل الاجتماعي واصفة إياها بـ "الإبادة الجماعية". وقد سُمح لها بالبقاء في الوكالة ومواصلة تمثيل عملائها القدامى، لكنها استقالت في نهاية المطاف ردًا على الانتقادات الشديدة.

يهود في وجه يهود

يمثل غليزر وغيره من الأصوات المنادية بوقف إطلاق النار تهديدًا حقيقيًا لأفراد المجتمع اليهودي الذين استمروا في استغلال يهوديتهم كسلاح لتحقيق أهداف سياسية تخدم إسرائيل ومشروعها المستمر منذ عقود لطرد الشعب الفلسطيني من وطنه التاريخي. ويواصل هؤلاء، جنبًا إلى جنب مع وسائل الإعلام الرئيسية، الترويج لرواية إسرائيل على الرغم من إعلان المجتمع الدولي لحقوق الإنسان أنها دولة فصل عنصري، وأنها تواجه اتهامات بالإبادة الجماعية من قبل محكمة العدل الدولية.

تعرض غليزر لانتقادات حادة من قبل محررة مجلة نيوزويك، باتيا أونجار سارجون، التي شوهت خطابه واتهمته بـ "العفن الأخلاقي"؛ لأنه ينكر يهوديته. لكن الحقيقة هي أنه كان يرفض بشدة الطريقة التي يتم بها تشويه يهوديته ويهودية شعبه والمحرقة من قبل المدافعين عن الإبادة الجماعية.

وكما أوضح جوناثان كوك، فمن المؤكد أن أونجار سارجون تدرك تمامًا أن خطاب غليزر كان من بين أبرز اللحظات التي حظيت بالاهتمام والنقاش في حفل توزيع جوائز الأوسكار. لقد سمع الناس بأنفسهم ما قاله غليزر، ومن غير المرجح أن يصدقوا ما قالته أونجار سارجون وآخرون.

لطالما كانت وسائل الإعلام الرئيسية في الولايات المتحدة مصممة على دعم الرواية الرسمية وحماية الجمهور من الحقائق المؤلمة على الجانب الآخر، لذا يجب أن نصغي جيدًا لأصوات مثل صوت غليزر، الذي يحاول هدم هذا الجدار الوهمي ليكشف لنا حقيقة ما يحدث خلفه من فظائع وجرائم.

سياسة الخصوصية

© 2025 جميع الحقوق محفوظة